جامعة جونز هوبكنز تستضيف رئيس المجلس الرئاسي للقاء نخبة من المفكرين والباحثين
نظمت جامعة جونز هوبكنز البحثية التي تعتبر أحد أهم منابر العلم في العالم صباح الجمعة لقاء لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني السيد فائز السراج دعت إليه نخبة من المفكرين السياسيين والباحثين والمهتمين بالشأن الليبي، حيث ألقى السيد الرئيس كلمة تلاها نقاش مفتوح مع الحضور.
وأوضح السيد الرئيس في بداية كلمته العوامل التي تفسر أسباب الأزمة الراهنة والتي تفاقمت لتصل إلى اعتداء على العاصمة طرابلس حيث أشار إلى أن العامل الأول يكمن التركة الثقيلة الموروثة من أربعة عقود من الحكم الشمولي المطلق، الذي غيب الحياة المدنية والسياسية طوال فترة حكمه ، وتفكيكه للمؤسسة العسكرية.
وأشار رئيس المجلس الرئاسي أن العامل الثاني هو تخلى المجتمع الدولي عن الليبيين، بعد أن ساعدهم على إنجاح الثورة عام 2011، وكانوا في اشد الحاجة لدعم يمكنهم من التعامل مع هذه التركة المثقلة بالأخطاء والخطايا، وأضاف بأن العامل الآخر الذي ساهم في تأجيج الأزمة، هو التدخل السلبي الخارجي في الشأن الليبي.
وقال السيد الرئيس إن الهدف من سرد تفاصيل هذه العوامل هو معرفة جذور التدهور الذي حدث، لتصل البلاد إلى ما تواجهه اليوم من محاولة عسكري متمرد إعادة العجلة إلى الوراء، واستنساخ نظام شمولي مستبد مماثل … وهو ما لن يقبله الليبيون أبدا.
وقدم السيد الرئيس لمحة لما تعرض له المسار السياسي من عراقيل، حيث لم تلتزم الأجسام المنبثقة عن الاتفاق السياسي بالاستحقاقات الواردة في الاتفاق، وتبنى بعضها طريق المساومات والمناورات والمزايدات والتجاذب.
وتحدث عن اللقاءات التي عقدت في باريس وباليرمو وأبوظبي التي واصلت فيها أطراف المشهد السياسي التنصل من التزاماتها، في غياب الموقف الدولي الحازم تجاه المعرقلين.
وتناول السيد الرئيس في كلمته محاولات إنهاء الجمود السياسي وصولا إلى المؤتمر الوطني الجامع ، ،حيث تبددت آمال الليبين مع بدء العدوان الذي شنته مليشيات مجرم الحرب على مدينة طرابلس وضواحيها ناسفاً أي فرصة للحل السياسي السلمي، لينقل الصراع من صراع سياسي إلى عسكري.
وفند رئيس المجلس الرئاسي مزاعم المتمرد من أن اعتدائه يأتي من أجل محاربة الإرهاب ، متجاهلاً أن قوات حكومة الوفاق الوطني هي من حرر مدينة سرت من تنظيم الدولة الإرهابي ” داعش ” في إطار التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وأشار إلى إن طرابلس تعرضت لهجمات من تنظيم الدولة الإرهابي استهدفت مقرات وزارة الخارجية، والمؤسسة الوطنية للنفط، والمفوضية العليا للانتخابات.
وقال السيد الرئيس أنه بعد أن اتضح للمتمرد حفتر بأن هذا المبرر لا يمكن هضمه، ساق مبرر أخر لعدوانه بالحديث عن التوزيع العادل للثروة، رغم أنه يعلم أن خمسة وستين بالمئة من ميزانية الدولة تذهب للرواتب وعشرة في المئة لدعم المحروقات، وأن هذه الرواتب لم تنقطع أبدا عن أي منطقة في ليبيا، وقال إن أعضاء حكومة الليبيين حكومة الوفاق الوطني ينتمون إلى مختلف مناطق ليبيا شرق، غرب، جنوب، ولم نتخلى عن مسؤوليتنا تجاه مواطنينا في أي منطقة.
وأوضح السيد الرئيس بأن مجرم الحرب لجأ لهذا المبرر ليغطي على ما يرتكبه والجهاز التنفيذي غير الشرعي الذي يتبعه من اهدار غير مسبوق للمال العام، وتجاوزات مالية خطيرة، وقال إنه لهذا السبب اقترح تشكيل لجنة فنية تحت إشراف الأمم المتحدة ومن المؤسسات الدولية المختصة لمراجعة تعاملات المصرف المركزي في طرابلس وفرعه في البيضاء.
وتحدث السيد الرئيس عن إصرار مجرم الحرب على مواصلة العدوان متجاهلاً مطالب مجلس الأمن والعديد من الدول، وعرض سيادته حجم المأساة والخسائر التي لا تعوض التي تسبب فيها، مجددا الدعوة لتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق، ليتعرف المجتمع الدولي على حجم وبشاعة الانتهاكات التي ارتكبها المتمرد حفتر، ليوصف عن حق بمجرم حرب.
كما سرد السيد الرئيس ما يُرتكب في المناطق الواقعة تحت سلطته العسكرية، من عمليات قتل خارج نطاق القانون، مشيراً إلى جرائم أحد قادة ميليشياته المدعو محمود الورفلي، الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بحقه مذكرتي اعتقال، لارتكابه سلسلة من الاعدامات ومازال في موقعه يمارس انتهاكات جديدة.
وتحدث أيضا عن أجواء الرعب التي تسيطر على تلك المناطق، بعد تكرار عمليات التغييب التي من ضمنها خطف النائب في البرلمان السيدة سهام سرقيوة، وأشار إلى أن سجون هذا المستبد تضم كل من أبدى رأيا مخالفاً، وقال إن الانتهاكات لا تتوقف عند ذلك فشواهد الفساد المالي والإداري واضحة، وبما يتطلب فتح تحقيق دولي في جميع الجرائم والانتهاكات والتجاوزات.
وقال السيد الرئيس إلى أن يأس المتمرد من تحقيق أهدافه بعد فشل العدوان على طرابلس دفعه إلى توسيع دائرة الحرب لتشمل مهاجمة مدن أخرى، الأمر الذي روع المواطنين الأبرياء، وهدد حياة وممتلكات الكثيرين منهم.
وأكد السيد الرئيس ثقته في دحر العدوان، وقال لذا فنحن مشغولون أيضا بالمستقبل، ونخطط للمرحلة المقبلة ، وعرض ملخصا لمبادرته التي طرحها في يونيو الماضي لإنهاء الأزمة . وقال إن العملية السياسية تحتاج إلى أناس يحترمون وعودهم وعهودهم، ،ويؤمنون بالديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة ، وقال إن المنطقة الشرقية لا يمكن أن تختزل في شخص داعياً أن تختار ممثلين لها من القيادات السياسية والاجتماعية والفكرية لتمثيلها في الملتقى الليبي الذي اقترحه، ودعا لحضوره جميع القوى الوطنية ومكونات الشعب الليبي من جميع المناطق ، الذين يدعون الي حل سلمي وديمقراطي.
وقال رئيس المجلس الرئاسي إن مهمتنا في المرحلة الانتقالية حسب الاتفاق السياسي هي وضع القواعد والأسس للدولة المدنية المنشودة ، ومن أهمها إنجاز الدستور ، والإشراف على الاستفتاء حوله ، وإجراء الانتخابات العامة.
وعرض السيد الرئيس ما قامت به حكومة الوفاق من معالجات في العديد من الملفات الأساسية من بينها الوضع الأمني والإصلاح الاقتصادي معرباً عن تطلعه لشراكة مع الدول الصديقة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال استثمارات مشتركة، وبرامج ومبادرات في المجال الاقتصادي والبنية التحتية، والنفط والغاز والطاقة، والقطاع المالي، وقطاع الخدمات والاتصالات والسياحة.
وأكد إن ليبيا تمتلك مقومات النهضة وعوامل الجذب، بما يتوفر لها من كفاءات وامكانيات وثروات طبيعية، وموقع متميز وأنه بإمكان الليبيين أن يرتقوا ببلدهم لتكون في مصاف الدول المتقدمة.
وإثر انتهاءه من إلقاء كلمته فتح باب النقاش حيث أجاب السيد الرئيس على ما وجهه الحضور من أسئلة حول جوانب من الأزمة والتصورات عن مرحلة ما بعد دحر العدوان.
اترك تعليقاً